من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده logo إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
shape
كتاب الروض المربع الجزء الأول
124363 مشاهدة print word pdf
line-top
ما يسن للمصاب بميت

ويسن الصبر والرضا والاسترجاع، فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم آجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها ولا يلزمه الرضا بمرضٍ.


الرضا: معناه الفرح والانبساط بهذا الشيء والسرور به، فهل نقول لمن مات له ميت: يلزمك أن ترضى؟ يعني تفرح بذلك كفرحك بالأرباح, وبالمولود, وبالنعم المتجددة؟ أو نقول: لا يلزمك الرضا؟ الصحيح: إنه لا يلزم, وذلك لأن النفس ولا بد يحصل معها شيء من الكراهية, واستثقال المصيبة، ولكن الصبر يلزم, والتسلي والاسترجاع بهذا اللفظ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ إنا لله يعني ملكا وخلقا وعبيدا، إنا إليه راجعون أي: مرجعنا إلى الله, مردنا إليه اللهم آجرني في مصيبتي يعني: ارفع لي الأجر, أو أعظمه لي, واخلف لي خيرا منها, يعني: اخلف لي خلفا عنها، هذا دليل على أنه يتأكد أن يحمل نفسه على الصبر.
أما الرضا فلا يلزم، لا يلزم مثلا بالمصائب ولا بالأمراض, ما نقول: افرح بالمرض, ولا بموت الأقارب, ولا بالفقر ولا بالعاهات ولا بالحوادث، ولكن هل إذا قال أنا أرضى بالمعصية إذا وقعت مني فإني أكون راضيا بها, يعني فرحا مسرورا لأنها وافقت قضاء وقدرا، لا يجوز الرضا بالمعصية, إذا وقعت منك فعليك بالندم وعليك بالإقلاع عنها, والابتعاد عنها.
فالرضا إنما يكون مثلا بما قدر الله, وما كان له فيه فائدةٌ وخير؛ يعني: مثل الديانة- الإسلام- والعبادات, وما أشبه هذه, يرضى بذلك ويفرح، وأما المصائب فإنه ولو كره ذلك لا إثم عليه، ولكن لو حصل منه الرضا بما قدر الله فهو أفضل؛ لقوله بالحديث أو في الأثر عن علقمة في قوله تعالى: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم. نعم.
.. هذا يعني التسخط الذي هو التشكي، والرضا يراد به هنا التسليم- التسليم لأمر الله, وعدم الاعتراض على قضائه؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- إذا أراد الله لعبد خيرا عجَّل له العقوبة في الدنيا, وإذا أراد به الشر أمسك عنه بذنبه وفي حديث آخر: إن عظم الجزاء مع عظم البلاء فإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم, فمن رضي فله الرضا, ومن سخط فله السخط فالرضا هنا معناه: التسليم لأمر الله، والمعرفة بالحكمة التي لأجلها ابتلاه الله، وعدم التسخط, وعدم الاعتراض على الله.

line-bottom